تم النشر فى : الأربعاء، 3 فبراير 2021
الناشر : مؤسسة الوطن العربى الإعلامية - لندن ، المملكة المتحدة . WA MEDIA FOUNDATION - LONDON, UK

الدكتور عادل عامر ، يكتب : الوضع السياسي في مصر في ظل حرب الإرهاب المفروضة عليها ..




 

الوطن العربى اليومية - القاهرة ..

تحتاج مصر خلال المرحلة الحالية لتطوير إستراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب، وأخرى خاصة بمكافحة التطرف، بحيث تبنى كل منهما على شراكة بين مؤسسات الدولة المعنية وبين المجتمعات المحلية، على نحو يسمح بالحديث عن تأييد مجتمعي لجهود وسياسات مكافحة الإرهاب وكذلك لجهود مكافحة التطرف. وذلك فضلا عن لعب مراكز الفكر دور محوري في صياغة هذه الإستراتيجية من خلال جهودها الخاصة بحصر العمليات الإرهابية التي تشهدها الدولة.

إن  تحقيق هذه الموازنة في مصر، لا يرتبط بوجود أطر قانونية تنظم عملية مكافحة الإرهاب فقط، وإنما أيضا بتمييز هذه القوانين بين الفعل الإرهابي وبين الجرائم الأخرى، فضلا عن احتوائها على إجراءات لمحاسبة ومساءلة من يثبت سوء استخدامه للقانون.

وتظل عملية مكافحة الإرهاب خلال المرحلة الحالية، من القضايا الأمنية المثيرة للعديد من الإشكاليات والتحديات بالنسبة للمؤسسات المعنية بها، سواء في مصر أو غيرها من الدول، وتظل المناقشات الخاصة بهذه الإشكاليات بالغة الأهمية من حيث توفيرها بدائل للتعامل معها، على نحو يضمن نوع من الشراكة البناءة في مكافحة الإرهاب الذي أصبح تهديد معقد ومتحول في طبيعته، وتستعصي مواجهته بالاعتماد على المؤسسات الأمنية فقط.

ما تسليح الأمة بكل سلاح يعيدها للظفر في معركة الموت أو الحياة، فهذا أبعد من أن يعملوا له بل أبعد من أن يفكروا فيه،فكان رغبة الشعب في التغير والخروج مطالبين حماية وحدتهم الوطنية وهويتهم الثقافية فنجحت ثورتهم الثانية في 30 يونيه فكان سلاح الإرهاب وسيلتهم ضد الشعب والنظام الذي اختاره وارتضي به لان  قدرة التنظيمات الإرهابية لا تعتمد علي عدد أفراد التنظيم البشرية، بل علي قدرات التنظيم من حيث أولا: التسليح، وثانيا: المال، وثالثا: الاتصالات، فالقضاء علي هذا الثالوث يعتبر ضرب لبنية التنظيم بغض النظر عن عدد الأعضاء 

 تعتبر قضية ضبط الحدود واحدة من آليات مواجهة التنظيمات الإرهابية لمنع تنقل الإفراد والسلاح، فيعتبر الطريق الجنوبي من أقدم الطرق لتهريب السلاح من شرق إفريقيا، بجانب طريق الحدود الغربية مع ليبيا، وهو يعتبر الأخطر بعد انهيار الدولة الليبية، والتي أصبحت ساحة مفتوحة متعددة الاتجاهات لتهريب السلاح والإفراد تظل مكافحة الإرهاب بمثابة حرب بطيئة تتضمن جوانب متعددة، وتأتي علي رأسها الشاطر الثقافية، والتعليمية، والدينية، وهي اُطر تحتاج لحوار ومشاركة مجتمعية حقيقية وبيئة سياسية أكثر انفتاحا٬ بجانب العمل علي صياغة وثيقة وطنية لمهددات الأمن القومي تحدد التهديدات الحالية والمقبلة الداخلية والخارجية، وتضع استراتيجيات وتكتيكات ليس فقط لمواجهة الإرهاب، بل لرسم السياسات وإعادة النظر في بنية العلاقات والتحالفات المصرية على المستويين الإقليمي والدولي.

أن تربة اجتماعية كهذه خصبة وطيعة لاستنبات مثل هذه الخلايا أو التنظيمات، والتي إما أن تزيد من تعليق الآمال على حلول وهمية، أو أن تزيد من لبس الواقع وبالتالي خلط الحابل بالنابل (المقاومة بالإرهاب ) ، وفي كلا الحالتين إحداث استجابة عكسية بدفع الناس إلى مزيد من العزوف ومزيد من تطليق الحياة السياسية نفورا أو انتظارا واهما. بقي إن نؤكد في الختام على العلاقة الجدلية بين بحث السلطة الاستبدادية عن ذريعة تتنصل بموجبها من مسؤولياتها الحقيقية، عن طريق فرض حالة الاستثناء و ظهورها في نفس الوقت بمظهر الحريص على الحفاظ على الأمن والاستقرار من جهة، ومن جهة أخرى تزايد أعداد المقدمين على مثل هذه الأعمال معتقدين وهماً أنهم يقاومون في حين إنما يسدون أكبر خدمة لخصمهم. الإرهاب هو تفاعل الشرعنة الجدلي بين تدرع الطعم السياسية في استبدادها بعنف الجماعات المتطرفة من جهة، ومن جهة أخرى عنف الجماعات المتطرفة المرتد على نفسه، وهو ما يخدم بشكل فعال تطويق النضال السياسي الحقيقي.

أن التعاون الأميركي-المصري في مكافحة الإرهاب في سيناء، وعلى الرغم مما قد يعترضه من عراقيل بسبب الخلافات الحالية، يمكن أن يستمر، وسوف يستمر على الأرجح والسبب هو أن الأمن في شبه جزيرة سيناء يشكّل مصلحة مشتركة للدولتَين. إلا أنه من شأن الولايات المتحدة أن تزيد إلى حد كبير مساعداتها لمصر في مجال مكافحة الإرهاب تظل هناك صعوبة في تحديد إجمالي عدد الإرهابيين النشطين في سيناء أو في المحافظات المصرية، وإجمالي عدد الخلايا الإرهابية التي تسعى وراءها الأجهزة الأمنية، على نحو يجعل مسألة إعلان الانتصار الكامل على الإرهابيين عملية غير ممكنة، حيث يصعب حصر عددهم. ومسألة تحديد العدد مرتبطة بحجم المعلومات التي تنجح الأجهزة المعنية بمكافحة الإرهاب في جمعها من المناطق التي ينشط فيها الإرهابيون، فضلا عن حجم التنسيق المتبادل بين جهاز الشرطة والقوات المسلحة باعتبارهما الكيانين المعنيين بمكافحة الإرهاب.

تواجه الدولة عددا من التحديات في مكافحتها للإرهاب خلال المرحلة الحالية، والتي هي في أحد أبعادها تعد سببا في الفاعلية المحدودة لسياسات المكافحة، وفي بعدها الآخر تستدعي إعادة تقييم وتفكير في السياسات المتبعة حاليا. يتمثل التحدي الأول في اهتمام هذه السياسات بمكافحة الفعل الإرهابي، وإغفالها مكافحة التطرف الذي يعد المحرك الرئيسي للإرهاب.

 فكما سبقت الإشارة، اهتمام الحكومة بالتطرف في المرحلة الحالية هو اهتمام انتقائي وكذلك مرحلي، وهو ما نتج عنه من الناحية العملية أمرين، الأول عدم وجود جهة معنية بمكافحة التطرف، وبالتالي ما تنفذه الوزارات المختلفة من مبادرات يكاد يكون غير متسق مع بعضه وأحيانا يكون متضاربا وفي أحيان أخرى غير فاعل في مكافحة الفكر المتطرف، وهو ما يجعل الإرهاب تهديد قائم ومستمر للأمن القومي المصري. ويتعلق الأمر الثاني باستمرار وقوع العمليات الإرهابية بمستوى مهم يؤثر على الأمن والاستقرار في الدولة.

لا يزال عدد العمليات الإرهابية في مصر يمثل رقم "مهم"، ويكشف عن استمرار قدرة الإرهابيين على تنفيذ عمليات متعددة، ورغم وجود انطباع عام بأن العدد قد تراجع ويرتبط التحدي الثاني بكون القوات المسلحة هي الفاعل الرئيسي في عملية مكافحة الإرهاب، وينتج عن ذلك التعامل مع مكافحة الإرهاب على أنها عملية تخضع لقواعد الحرب، ويكون الانتصار فيها بفرض السيطرة التامة على الأرض، فيتم فرض حظر التجول، كما أن أي أخطاء قد يرتكبها الجنود في مواجهة المدنيين المقيمين في مناطق مواجهة الإرهابيين، يتم تبريرها لكونها مرتبطة بالمعركة ضد الإرهابيين، ويتحمل مسئوليتها الإرهابيين، ومثل هذا الوضع يجعل السكان المحليين أقل تعاطفا مع الجيش في محاربته للإرهاب.

وكشف الجيش_المصري مؤخرا عن فيديوهات لعمليته الكبيرة التي أسفرت عن ضبط كميات كبيرة من معدات وسلاح وعناصر إرهابية اتخذت من الجبل الأسطورة ملاذا ومكانا لتدريبهم على قتال الدولة والتخطيط لعملياتهم الإرهابية. وفجرت المضبوطات التي عثر عليها الجيش مفاجآت كثيرة منها العثور على أجهزة ومعدات اتصال حديثة فضلا عن مادة متفجرة لا يملكها سوى عدد محدود من الجيوش النظامية العالمية وهي "مادة السي 4" شديدة الانفجار.

أن هذه العمليات تتم بموجب “نظرية المؤامرة”، والسعي للإيهام بأن هناك فتنة بين المسلمين والمسيحيين، وهذا غير صحيح، لأننا في مرحلة لها تضحياتها، والكنيسة برجالها أكثر من ضحى، لان”مسيحيو مصر مختلفون عن أي مسيحي في العالم، فهم محبون لبلدهم أكثر من أي شيء، والإرهابيون يرغبون في إحداث فتنة بأي شكل، لكنهم لن يصلوا لشيء”.

ورغم أن الظاهرة يطلق عليها اسم “نظرية” فلا علاقة لها بالمفهوم العلمي للنظرية، الذي يستوجب مقولات منطقية تم بناؤها على أسس عقلانية موضوعية وتم إثباتها عمليا، يضع قاموس أكسفورد للغة الإنجليزية تعريفا عاما لنظرية المؤامرة وهي “اتفاق بين فردين أو أكثر للقيام بعمل إجرامي أو غير قانوني أو مستهجن”، ويعرفها بيجدن “خطة سرية من جانب مجموعة ما من أجل التأثير جزئيًّا في الأحداث بعمل خفي”.

لكن عادة ما تشير نظرية المؤامرة إلى مزاعم وقوف جهات خفية وراء أحداث كبيرة، إنها نمط تفكير شائع لدينا اليوم لتفسير كثير من الأحداث والوقائع، يفترض فيها أن جهة ما وهي تجسد الشر المستطير تحيك لمجموعة ما تمثل الخير المطلق مؤامرات للقضاء عليها.

تخترق نظريات المؤامرة كل المجالات بما في ذلك الدين والسياسة والمجتمع وحتى العلم، وهي متعددة وكثيرة لدرجة يصعب حصرها، معظمها يبدو سخيفا للغاية، وبعضها ينطوي على إمكانية تحقق بعض أو جلها دون القدرة على إثبات ذلك.

--------------------

كاتب المقال : الدكتور عادل عامر ، دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية ومستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والإستراتيجية بفرنسا ومستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية ومستشار تحكيم دولي وخبير في جرائم امن المعلومات .

الناشـر :

الناشـر مؤسسة الوطن العربى الإعلامية - لندن ، المملكة المتحدة . WA MEDIA FOUNDATION - LONDON, UK على 10:44:00 م. فى باب . يمكنك متابعة أخبارنا وموضوعاتنا والتعليق عليها من خلال الدخول إلى RSS 2.0. ، فأهلاً بك

للحصول على نسختك الورقية من هنا ، إضغط هنا لطباعة الصفحة

اترك الرد

تفضل بوضع تعليقك هنا وأهلا بك وتعليقك الملتزم المحترم

Translator of WA Daily Newspaper

للحصول على نسختك الورقية من هنا

الارشيف

الشاعر دكتور علاء الدين سعيد وقصيدته "المأساة عربية" من حفل ديوانه قافلة العودة بمعرض القاهرة للكتاب

ديوان " قافلة العودة " للشاعر د. علاء الدين سعيد ، بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2023م

الآن بالمكتبات الكُبرَى ومنافذ التوزيع ديوان "قافلة العودة" للشاعر د. علاء الدين سعيد

الحمـلة العالميـة لمقاومـة التطبيـع مع العدو

حركة مقاطعة إسرائيل "بي دي اس" (حركة مقاطعة العدو الصهيوني)

تحويل العملات ، وأسعار الصرف

كاريكاتير

إشترك وتابع قناة دكتور علاء الدين سعيد، على يوتيوب

إشترك في نشرتنا البريدية عبر بريدك الإلكترونى ليصلك جديدنا

تفضل بوضع بريدك الكترونى هنا ثم اضغط ثم قم بتفعيل اشتراكك من خلال بريدك الأكترونى

Delivered by FeedBurner