تم النشر فى : الأحد، 6 مارس 2022
الناشر : مؤسسة الوطن العربى الإعلامية - لندن ، المملكة المتحدة . WA MEDIA FOUNDATION - LONDON, UK
ومن المرقانة ما نفع - قصة الأديب الجيبوتى: جمال ديني
الوطن العربى اليومية - لندن..
في زحمة المنتديات، وكثرة الأطباق على سطوح المنازل والبنايات، وثورة الاتصالات، وسرعة وصول البرقيات، والرسالات .وصلتني رسالة الكترونية تحت عنوان :هل تملك شيئا للبيع ؟؟ قبل أن أفضها انتابني شيء من القلق ، وما أن قرأتها حتى تنفست الصعداء ، وحمدت الله أنها كانت قصة ، أو ربما مزحة من صديق لا أعلم مدى صدقها ومصداقيتها ، قد تكون حدثت تفاصيلها في الزمن الغابر من تاريخ البلاد العابر.الحكاية.. تحكي أن ثلاثة من الرجال كانوا يعملون شيالين – يحملون البضائع للناس من الأسواق إلى البيوت على ظهورهم ( أجلكم الله) ، وفي ليلة من الليالي وبعد يوم من العمل الشاق , قضوه في ساحة محمود حربي (بلاس رانبو) تناولوا طعام العشاء وجلس الثلاثة قليلا ثم بدؤو التخزين هذه الممارسة اليومية التي لا يكون لها حدود لدي البعض الذي يصبح عليه ولا يفتح عينيه جيدا إلا به, فبعد تناول وجبة الغذاء يحل في فم كل واحد , وسيد جميع المجالس فتدب نشوة المرقان فتبعث النشاط والكسل معا وتطلق اللسان والشرود في آن واحد وتبني عالما من الخيال ,وتضرم النار في الإحساس بالزمن.
فقال أحدهم واسمه حمد .. افترضا يا أصدقائي أنني أصبحت في يوم من الأيام رجلاً مهماً ؟؟، ألا أستطيع بإشارة مني قلب الموازين ، وتجيش الملايين ، وضبط إيقاع العازفين ، ولا أموت بزعاف الثعابين ، وأنجح المرشحين ، وأكتب على جدار الصمت أسماء العابثين ، و المارقين ؟؟؟؟ .فقالا يا حمد : إن هذا غير ممكن ، ربما طلعت المرقانة في دماغك ، وهلوستك موجعة .فقال : أنا أحلم فهل أصبح الحلم حراماً ؟؟..فقال بوح هذا محال ، وضرب من الخيال ، وقال زكي أنت تصلح حمالا أو حارسا أما تاجر وآمر ، هههه .. فهذا بلاء يا ابن بركت .وهام حمد في أحلام اليقظة متخبطاً ، بفعل نشوة النبتة الساحرة ليلي إثيوبيا الخضراء وتخيل نفسه في مكتبه وسبعة أبواب مؤصدة للوصول إلى بابه .قال بلهجة فوقية : ماذا تتمنى يا فرحان ؟ رد بسخرية : أريد أن .. أن .. أن أغير مهنتي ، وخيمتي ، ، وتحترم إنسانيتي .
وماذا بعد , قال : أريد سكرتيرة من الناجحات ومن حاملي أعلى الشهادات ، ومن أجمل الجميلات ، و مائة ألف دولار أخضر ، أو يورو ، أو بالليرو .ثم ماذا بعد , يكفي ذلك يا سيدي، لأن عقلي لا يتحمل أكثر ، وانفجر ضاحكاً من صاحبه ساخراً .كل ذلك حمد يسبح في خياله الطموح ويرى نفسه في ما تمنى مطلبه ,ويسمع نفسه وهو يعطي المعطاءات ويوزع الهبات ، ويشعر بمشاعر الغني المالك وهو يعطي بعد أن كان يأخذ , وهو ينفق بعد أن كان يطلب , وهو يأمر بعد أن كان ينفذ .التفت إلى صاحبه الآخر وقال : ماذا تريد أيها الزعلان ، المتأفف و الضجران .
فقال : ياحمد دعك من هذا الهراء ، لو يلج الجمل في سَمِّ الْخِيَاطِ ، أو تقع السماء على البلاط ، أيسر من وصولك إلى حلمك ، أنت حمال , والحمال لا يصلح أن يكون إلا حمالا أو حمار، وإن تحقق يوماً هذا الحلم المستحيل ، فاجعلني على جاري حمار ، ووجه وجهي إلى الوراء ، وألبسني قبعة معلق على أطرافها أجراس ، بحيث تكون تجريصة أمام كل الناس ، وأمر منادي يمشي معي في أزقة كارت 1 و2 إلي الحارة رقم 7 وانجيله زارحبا وحمبولي إلي بلبلا وينادي أيها النااااااا س ! أيها الناااااا س ! هذا دجال .. محتال .. لص .. من يمشي معه أو يحدثه ، أو يصدقه فله مثله .انتهى الحوار ونام رفاقه إلا هو جلس يفكر ، ويسأل نفسه :صحيح الذي يعمل حمالا لا يحق له أن يكون تويجر أو تاجراً ؟؟؟؟.فكر كثيرا بالخطوة الأولى للوصول إلى الهدف المنشود ،قرر أن يبيع قرر أن يبيع ( جاري حمار) التي كان يملكها ، قرأ واقعه بعين مبصرة ، وانطلق يبحث عن أقصر طريق يوصله للنجومية والشهرة .قرر أن يعمل عملاً حراً ، وبكل جد ونشاط بدأ يعمل ليثبت حضوره في دائرة عمله ، وتعاقد مع المشاريع الإنشائية الوهمية ، والبنوك المصرفية السرية ، و أقترب من عالم اللصوصية ، وارتقى في عمله حتى أصبح رئيساً لقسم المالكين أو الملاكين، وأشتهر أكثر من داروين، حتى علا جهاز إرساله، وذاع صيته بين أقرانه ، وانتشرت صوره على صدر صفحات الصحف والمجلات ، وأصبح له معجبين من أجمل البنات .رجل أعمال بامتياز تتسابق عليه المحطات الفضائية ، وعلى مقاسه تفصل الأحكام القضائية . سبحان مغير الأحوال ، يغير ولا يتغير .. بعد ثلاثين سنة من بيع( جاري حمار) ، جلس على كرسي لواء التجار ،وعن يمينه شيخ الكار ، والتفت حوله بطانته ،و زبانيته .. منهم من بدأ يتذكر هل أساء يوماً بحق سيادته ؟؟ ، وآخر يتوقع أن لا محال قامت قيامته ، ومعمم ينافق ، ومحابي يصفق ، وواشي يتحين الفرصة ليعرض خدماته ، ومتسلق يتأهب ، ومراوغ يركب ، ولص يتحسب ، ومتفوه يرسم ويكتب ، ومتحزلق ، ومتملق ، و ، و . تذكر صاحبيه الحمالين فأرسل أحد خادميه وقال له : اذهب إلى بلاس رنبو فإذا وجدت رجلين صفتهما كذا وكذا فأتي بهما. وصل الأجير ووجد الرجلين بنفس الصفة وفي نفس المكان و بنفس عقلية الحمالين .