تم النشر فى : السبت، 5 مارس 2022
الناشر : مؤسسة الوطن العربى الإعلامية - لندن ، المملكة المتحدة . WA MEDIA FOUNDATION - LONDON, UK
المحميات الطبيعية، الطريقة الخفيّة للإستيطان الصهيوني في الأغوار
أعلن الاحتلال الصهيوني عن ثلاث محميات طبيعية في الأغوار الفلسطينية، يستولي بموجبها على أكثر من 11 ألف دونم من الأراضي الرعوية.
تكرر ذلك خلال السنوات الماضية، عندما أقام المستوطنون بؤرتين استيطانيتين على أراضي منطقتي المزوقح والسويدة في الأغوار الشمالية، وهي ذات المنطقة التي حُرِم أهالي الأغوار من وصولها أو استغلالها منذ العام 1979، بعد إغلاق سلطات الاحتلال 35 ألف دونم منها، تحت مسمى "المحميات الطبيعية".
تشير معطيات مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم"، إلى أن "الاحتلال يستولي على حوالي 20% من أراضي الأغوار تحت مسمى "المحميات الطبيعية".
ويتخوف حقوقيون ومراقبون أن يكون إعلان الاحتلال عن المحميات الثلاث الجديدة، تكرارا لنفس سيناريو الاستيلاء على الأراضي ومنحها للمستوطنين، بعد ثبوت استخدام هذا المسمى من قبل سلطات الاحتلال، لتسهيل الاستيطان في الأراضي الفلسطينية.
وما يزيد من هذه التخوفات، هو المساحات الهائلة التي تم الاستيلاء عليها من الأغوار بداية العام الجاري تحت نفس التصنيف، حيث أعلن وزير جيش الاحتلال نفتالي بينت في 15 كانون الثاني/ يناير 2020م، عن سبع محميات طبيعية في الضفة الغربية، ست منها في الأغوار.
ووفقا لتقرير أعدته هيئة مقاومة الجدار والاستيطان فإن سلطات الاحتلال تستخدم "المحميات الطبيعية" ذريعة للاستيلاء على مزيد من الأراضي الفلسطينية، وليس بغرض حماية الطبيعة كما تدعي، وثبت ذلك من خلال تحويل آلاف الدونمات المندرجة تحت هذا المسمى للاستخدام الاستيطاني.
في هذا السياق، يوضح مدير عام توثيق انتهاكات الاحتلال في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان قاسم عواد أن الاحتلال يوظف هذا المسمى لصالح أهداف استعمارية، فخلال العام 1997 أعلن عن إقامة مستوطنة "هار حوما" على أراضي جبل أبو غنيم بالقدس، الذي كان مصنفا على أنه محمية طبيعية منذ الانتداب البريطاني، كما أن مستوطنة "سنسانا" المقامة على أراضي جنوب الخليل، مقامة على محمية طبيعية معلنة منذ الانتداب البريطاني أيضا.
وتوضح المعطيات المتوافرة لدى الهيئة، أن الاحتلال قام ببناء 31 مستوطنة على أراض مصنفة على أنها محميات طبيعية، منذ العهدين العثماني والبريطاني.
وأكد عواد أن الاحتلال يستخدم تصنيف "المحميات الطبيعية" للالتفاف على كلمة "المصادرة" أو الاستيلاء على الأراضي.
وأضاف أن الاحتلال كان يستخدم الحجج والأوامر العسكرية بكثرة في مناطق مثل الأغوار" للاستيلاء على مساحات واسعة من أراضيها، لكنه لجأ مؤخرا لتكثيف استخدام مسمى "المحميات الطبيعية" كوسيلة يعتبرها أكثر نجاعة لخداع المجتمع الدولي، وتبرير ما يقوم به من إجراءات تعسفية ضد السكان في الأغوار، فيهجر السكان قسريا من هذه المناطق، ويمنعهم من استغلال أراضيها أو الرعي فيها بناء على "قانون المحميات الطبيعية"، ويهدم مساكنهم، نتيجة لذلك تصبح المنطقة خالية من سكانها الفلسطينيين، ويسهل على الاحتلال منحها للمستوطنين بعد عدة سنوات.
واعتبر عواد أن استخدام ذريعة "المحميات الطبيعية" باتت مستخدمة بكثرة من قبل الاحتلال أكثر من الذرائع العسكرية، فمختلف القوانين الدولية تقضي بعودة الأرض التي تم الاستيلاء عليها بأوامر عسكرية إلى سابق عهدها عند زوال المسبب للأمر العسكري، علما أن هناك مناطق تم الاستيلاء عليها لأغراض عسكرية، وتم تحويلها لاحقا إلى "محميات" مثل منطقة المغطس قرب البحر الميت.
بين عامي 1969- 1997 أعلن الاحتلال إنشاء 47 محمية طبيعية على مساحة 334 كيلو متر مربع، منها (42 محمية في مناطق C على مساحة 290 كم2)، وفقا لمعطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.
ما يزيد من التخوفات، بتحويل المزيد من المحميات الطبيعية للمستوطنين، ما أعلنت عنه سلطات الاحتلال خلال العام المنصرم عن "إلغاء صفة محمية طبيعية عن ثماني محميات كانت قد صنفت منذ زمن الانتداب البريطاني لأغراض توسيع ثماني مستوطنات على أراضي هذه المحميات وهي: "حنانيت، و"تل منشيه" المقامتان على أراضي محافظة جنين، و"كرنيه شومرون"، و"تسوفيم"، و"غابة عزون"، و"معالي شومرون"، و"ألفي منشيه" المقامات على أراضي محافظة قلقيلية، و"حلميش" المقامة على أراضي محافظة رام الله والبيرة.
توضح معطيات المركز الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم": "أعلنت إسرائيل منذ العام 1967 بعد أشهر قليلة من بدء الاحتلال، جميع الأراضي التي كانت مسجّلة أراضي دولة في العهد الأردني (وتشكّل نسبة 53% من مجمل مساحة منطقة الأغوار وشمال البحر الميت) كـ"مساحات مغلقة".
إضافة إلى هذا التصنيف أعلن جيش الاحتلال في نهاية الستينيّات وبداية السبعينيّات 45.7% من أراضي الغور كـ"مناطق إطلاق نار" ومنع الفلسطينيين من دخولها أو المكوث فيها. كذلك أعلن نحو 20% من أراضي الغور كـ "محميّات طبيعيّة" و"حدائق وطنيّة" وخصّصت أراضي أخرى للمستوطنات التي أقيمت في الأغوار بعد الاحتلال بوقت قصير".
كما يؤكد معهد الأبحاث التطبيقية (أريج) أن "إسرائيل منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية ابتدعت عشرات القوانين غير الشرعية للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وإظهار نفسها بصورة "الدولة الديمقراطية" أمام المجتمع الدولي، الا أن ما حدث وما زال يحدث على أرض الواقع يخالف تماما ما تحاول إسرائيل إظهاره للعالم حيث تلاعبت بالقوانين بما يتناسب ومطامعها الاستيطانية في المنطقة، وبهدف بناء المستوطنات والبؤر الاستيطانية والقواعد العسكرية وغيرها من المشاريع الاستيطانية".
لجعل الأمور تبدو واقعية قام الاحتلال بالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، بواسطة عدة قرارات ومسميات منها "المحميات الطبيعية" من خلال الأمر العسكري رقم 363 للعام 1969، وفقا لـ(أريج).
وأضاف المعهد: "خلال أعوام الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، صنفت سلطات الاحتلال 48 موقعا على أنها محميات طبيعية في الضفة الغربية المحتلة يجب حمايتها والحفاظ عليها، إلا أنها في ذات الوقت منعت الفلسطينيين من زراعة هذه الأراضي وفلاحتها أو استغلالها لأي غرض كان، وسمحت لنفسها وللمستوطنين لاحقا تحويل عدد من هذه "المحميات الطبيعية" إلى مستوطنات إسرائيلية وقواعد عسكرية إسرائيلية وبؤر استيطانية وغيرها من المنشآت الاستيطانية".
وعن استهداف مناطق الأغوار أكثر من غيرها من حيث إعلان "المحميات الطبيعية"، أوضح معهد أريج أن "إسرائيل طالما اعتبرت منطقة الأغوار الفلسطينية حدودها الأمنية التي لن تتنازل عنها في أية تسوية سياسية مستقبلية مع الفلسطينيين، وسعت دائما إلي تبرير المخططات الاستيطانية في المنطقة على أنها تخدم أهـدافها الأمنية الاستراتيجية، وذلك في محاولة للتغطية على أعمالها التوسعية الاستيطانية غير القانونية التي تسعى من خلالها إلى السيطرة على الأراضي وتهجير السكان الأصليين".
وأضاف أنه عقب الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة تم التعامل مع المقطع الشرقي للضفة الغربية بشكل مختلف عن بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث أخضع جيش الاحتلال هذا المقطع لقوانين إسرائيلية خاصة ساهمت في فرض السيطرة عليه من قبل الاحتلال.