تم النشر فى : السبت، 21 نوفمبر 2020
الناشر : مؤسسة الوطن العربى الإعلامية - لندن ، المملكة المتحدة . WA MEDIA FOUNDATION - LONDON, UK
علاء الدين سعيد ، يكتب : منظومة الفساد ونذير طوفان الإسكندرية ، هكذا حذَّرت ولم أزَل
مرة أخرى أُعيدُ نشر هذا المقال بعد أعوام من نشره لأول مرة ، لا لرغبة بحتة فى إعادة النشر فى حد ذاتها ولكن تصدِّياً لإستمرار وإستفحال المهزلة . إننى مرة أخرى أقولها وقد استمرأ الفساد وجاس خلال الديار وسكن كل الجحور والقصور على السواء وكانت فى السابق - عند نشر مقالى بذات الشأن - قد استفزَّتنى مهزلة الفساد الذى تُرك ليتفشى بالإسكندرية فكانت مأساة الأمطار وما نتج عنها فى بلدى الحبيب .
كنا ننادى - نحن أبناء هذا البلد وشعبه - وأُذنُ من نُنادى صَمّاء لا تدرك أن الشعب هو المعيار فى تقييم مسئُولِيْه . وكم نادَى أهل الإسكندرية بتدارك خطأ تعيين هذا أوذاك المحافظ الفاشل الخاوى الوفاض من القيمة والمحتوى . مرةً أُخرَى لِنعىَ الدرسَ أو يعون ربما إحترم أولو الأمر رأى المواطن البسيط سيد الموقف ، رغم أنف الفاسدين . وربما كان طُوفانَا الحالة التصويتية فى الإنتخابات البرلمانية الهزلية والفشل فى مواجهة الموقف بشأن أمطار الاسكندرية نذيرَين يجب إستيعابهما من أولى الأمر الغير فاسدين - على إفتراض وجودهم أو "العثور" على أحدهم - فى الوقت المناسب الحالّ العاجل .. هى مصر .. هو شعب مصر ومواطِنُه البسيط الأجدر بالعناية والإعتبار وتقديره بإحترام رأيه ورؤيته الثاقبة المبكرة وثقافته الوطنية الفطرية التى يؤكدها الواقع لاحقا دائما وقد اعذَرَ قبْلها إذ أنذَر .
إن القضاء على منظومة الفساد السرطانى المستشرى فى الهرم السياسى والإجتماعى والإقتصادى على وجه خاص لا يمكن أن يتم بكشف الفساد الذى تم أثره بالفعل وفقط ، بل - وفى ذات اللحظة - ببتر ثلة الفاسدين المفسدين من المسئولين ومنع تفعيل قراراتهم الفاسدة التى يصدرونها بمعزلٍ عن العدالة الإجتماعية والقيم الإنسانية ومقتضى الواجب المهنى المفترض فيه إنتهاجه الروح الوطنية والواجب الوطنى .
يجب التخلص من هذه الزمرة التى تتعامل مع مناصبها على أنها صكٌّ مفتوح يتيح لأحدهم العبث بجراح البسطاء والمعوزين وذوى الفاقة من أبناء شعبه وكأنه يخرج لهم لسانه متهكماً أن أولياءه ومريديه هم الأفضل والأميَز والأخيَر بين فئات هذا الشعب وأن سواهم أهل الدَنِيَّة . يجب التخلص ممن يعتبرون المنصب مرتعاً يطلقون من ساحته بين الفينة والأخرى ما يثير اشمئزاز العامة ويجيش بتحفظاتهم . يجب إدراك أنه لا جدال فى أهمية السير بخُطَىً متوازيةٍ فى هذا الشأن مع التخلص من الفساد المتأصّل بالفعل وإلا كنا بصدد نوع من الإزدواجية التى تشكّل فى ذاتها فساداً جديداً وحالة من حالات "النصب" على الشعب ، ومن ثم لا مصداقية فى محاربة الفساد بينما نسمح بالتمسك بالمفسدين . فلندَع كذب الشعارات وزيفِها ولنحيا لمصر وبها ومنها بإعادة إحياء الضمائر فينا وحس المسئولية والنفس اللوّامة والنفس السويَّة وتحَسُّب العواقب التى يراها الشعب المستهان برؤيته الثاقبة على بساطته وإحترام رؤيته .. تحيا مصرنا من قبل ومن بعد عزيزةً كريمة حرة أبيَّة ويحيا شعبها العظيم .