تم النشر فى : الخميس، 17 ديسمبر 2020
الناشر : مؤسسة الوطن العربى الإعلامية - لندن ، المملكة المتحدة . WA MEDIA FOUNDATION - LONDON, UK

قناع السعادة الزائف - بقلم الكاتب الأستاذ: أحمد حمزه نمير


الوطن العربى اليومية - لندن..


                                                    قد يعيش الإنسان فترة من حياته في سعادة وهمية أو يعيش مكبلا بقيد لا يمكن الفكاك منه !، ويبحث عن السعادة الحقيقية فلايجدها!، وقد يصنع البعض منا عالما من السعادة الوهمية ويعيش في هذا العالم هربا من الواقع وحصار الكدر والهزائم والصدمات ، و يفضل البعض الآخر تحطيم قيوده التي تحول بينه وبين سعادته في محاولة لإقتناصها ومواجهة الواقع بدلا من أن يظل أسيرا لهذه القيود وهذا الوهم !، .ويختلف الناس في طبائعهم فمنهم من يقررون المواجهة وإختيار الوقت المناسب لها ، والبعض الآخر يرفضون ويؤجلون المواجهة ويؤثرون الرضاء بالواقع وهم غالبا الأقل سعادة !، وإسترداد السعادة الضائعة نتيجة عدم المواجهة حق لصيق بالحق في الحياة التفريط فيه يؤدي إلى الغوص في غياهب الأحزان لفترات بعيدة وفقد الحقوق المادية والمعنوية، . ولعل هذا الموضوع عن السعادة والوهم جعلني أتذكر المسرحية القديمة الرائعة : قناع السعاده للكاتب الفرنسي كليمنصو وترجمة الفنان الكبير فتوح نشاطي ، ووجهة نظر فلسفية تعبر عن عمق الإبداع و سمو الفكر والتسامي التي كانت تظهر في العديد من الأعمال الدراميه آنذاك وهي تختلف عن الواقع ومعطياته ، و ،وكانت تدور أحداثها حول شاعر حكيم متزوج من شابه جميله جدا ( أجمل فتاه في البلده) ثم أصيب بالعمى، وصار لسنوات يبحث عن العلاج ، وسمع عن طبيب عبقري بارع يعالج العيون ، فذهب إلى هذا الطبيب وطلب من أن يصف له دواء يجعله يرى بعينيه مره أخرى، فأعطى له دواء يقطرمنه في عينيه مره ثم مرتان ثم ثلاث مرات على مدى ثلاثة ايام وحذره من أن يزيد عن ذلك!، .وكان الشاعر الحكيم سعيدا أيما سعاده بزوجته الجميله الوفيه وابنه اليافع المطيع ، وكان يقول فيهما قصائد الثناء والعزل إعتزازا بحبهما، وكان يلازمه صديق يقرأ له ( ليكانينج) ويقوم بالتدريس وتعليم ابنه ويرعاه علميا، وصديق آخر يتردد عليه من وقت إلى آخر ( توفوي) ، فقام صديقه (ليكانينج ) بجمع أشعاره العبقريه في ديوان وأرسله إلى الأمبراطور وأشرك نفسه وادعى كتابة هذه الأشعار!، وعندما فاز الديوان أرسل اليهما الامبراطور الهدايا والمنح أندهش الشاعر الكبير من إقحام إسم صديقه في كل شيئ ونيله نصف الجائزه فإدعى أن هناك خطأ ما لدى الامبراطور!، وتجاهل الشاعر الأمر، وأعلن في حفل عائلي أنه أسعد إنسان في الكون بزوجته المخلصه، وابنه المطيع وأصدقائه المحبين، وفي أحدى المرات كان يجلس بالشرفه فسمع صوت رجلٍ يستغيث خارج منزله من قسوة وإيذاء رجال الامبراطور له فطلب منهم أن يفكوا قيوده ،واعطاه الطعام والماء والمال والملابس، وطلب من سكرتير الأمبراطور-في وقت لاحق- أن يعفوعنه فعفا عنه ،وأثناء ذلك كان يضع الدواء في عينيه بإنتظام ، وبعد ثلاثة أيام وجد نفسه يرى وهو داخل غرفته ففرح فرحا شديدا، وإعتقد أن سعادته لن تكتمل إلا بعد يخبر زوجته وابنه وأصدقاءه، وقبل إبلاغ أسرته شاهد رجلا يتسلل إلى خزانة منزله ليسرق أمواله كلها وملابسه وأدرك من نبرات صوته أنه اللص الذي يعرفه جيدا أثناء الحوار الأول لتخليصه من رجال الإمبراطور، و الذي قد طلب من الإمبراطور العفوعنه وسبق أن قدم له الطعام والشراب والمال، فتركه يسرق أمام عينيه و تركه يفربفعلته !، ثم توجه إلى غرفة أبنه الدمث الحالم وقبل أن يدخل عليه رآه هو وصديقه ليكانينج يسخران من حركات وشعر والده الشاعر الحكيم ويقلدنانه بشكل مقزز ومهين! ويطلقون الضحكات الساخره ، وفي نفس الوقت وجد الديوان الشعري موضوعا على الطاوله والذي تم تكريمه عليه معنونا بإسم صديقه قبل أسمه!،ولم تخبره زوجته ولا إبنه بما هو مكتوب على صدر الديوان الشعري !، وتوالت الصدمات وقبل أن يتوجه إلى زوجته الجميله الوفيه التي يتغزل فيها طيلة عمره رآها تخونه مع صديقه ( توفوي) ! فإعتقد أن عيناه كاذبتان وأنه في كابوس مخيف!! وليس في حال اليقظه واسترجع للحظات سعادته التي كان عليه قبل أن يبصر فقررفي لحظه أن يضع كل زجاجة الدواء في عينيه فعاد أعمى في الحال! ليعيش سعادته الأولى التي كان عليها رغم يقينه أن سعادته ستكون زائفه !
---------------------- 
 * الكاتب : الأستاذ أحمد حمزه نمير - كاتب ، والمشرف العام على باب " أقلام حرة " بصحيفة الوطن العربى اليومية الصادرة عن مؤسسة الوطن العربى الإعلامية بلندن - المملكة المتحدة - والممثل الرسمى للمؤسسة والمتحدث باسمها فى جمهورية مصر العربية .

الناشـر :

الناشـر مؤسسة الوطن العربى الإعلامية - لندن ، المملكة المتحدة . WA MEDIA FOUNDATION - LONDON, UK على 2:00:00 ص. فى باب . يمكنك متابعة أخبارنا وموضوعاتنا والتعليق عليها من خلال الدخول إلى RSS 2.0. ، فأهلاً بك

للحصول على نسختك الورقية من هنا ، إضغط هنا لطباعة الصفحة

اترك الرد

تفضل بوضع تعليقك هنا وأهلا بك وتعليقك الملتزم المحترم

Translator of WA Daily Newspaper

للحصول على نسختك الورقية من هنا

الارشيف

الشاعر دكتور علاء الدين سعيد وقصيدته "المأساة عربية" من حفل ديوانه قافلة العودة بمعرض القاهرة للكتاب

ديوان " قافلة العودة " للشاعر د. علاء الدين سعيد ، بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2023م

الآن بالمكتبات الكُبرَى ومنافذ التوزيع ديوان "قافلة العودة" للشاعر د. علاء الدين سعيد

الحمـلة العالميـة لمقاومـة التطبيـع مع العدو

حركة مقاطعة إسرائيل "بي دي اس" (حركة مقاطعة العدو الصهيوني)

تحويل العملات ، وأسعار الصرف

كاريكاتير

إشترك وتابع قناة دكتور علاء الدين سعيد، على يوتيوب

إشترك في نشرتنا البريدية عبر بريدك الإلكترونى ليصلك جديدنا

تفضل بوضع بريدك الكترونى هنا ثم اضغط ثم قم بتفعيل اشتراكك من خلال بريدك الأكترونى

Delivered by FeedBurner