تم النشر فى : الخميس، 14 يناير 2021
الناشر : مؤسسة الوطن العربى الإعلامية - لندن ، المملكة المتحدة . WA MEDIA FOUNDATION - LONDON, UK
إن الله يحب العبد المحترف - بقلم الكاتب الأستاذ: أحمد حمزه نمير
التواضع والعمل المتواصل والمثابره هم وقود العظماء !، وكان أشرف الخلق سيدنا محمد( صلى الله عليه وسلم خير مثال في كمال دعوته وأنه صلى الله عليه وسلم أنه دعا الناس إلى الإيمان بالله وكتبه وملائكته ورسله والقضاء شره وخيره مع أهمية دعوته للعمل والكد في عدة أحاديث شريفه ، و إيصال رساله أن الأمر كله لله ، و أمر الناس كلها إلى الله عزوجل !، وأنه وحده سبحانه بيده مقادير البشر، وأن الجنه والنار هو قرار آلهي بات ومحض!، لايستطيع أحدا من العالمين التبنؤ به ! ومحور الفوز في الحياة الدنيا والآخرة هو العمل وسلامة المعتقد !، والإجتهاد فيهما ، ولامكان في صفحات الفوز والنجاة للكسالى والغافلين ، وأما أولئك الذين يتظاهرون ويراؤون بالعباده ولا يعملون ؛ إلا أنهم يتحايلون ودائمو الشكوى من كل شيئ ! هم لم يذوقوا حلاوة الإيمان ، ولم يفهموا المفهوم الحقيقي للعمل والإيمان !
في رحلة الإسراء والمعراج والتي كان فيها الكثير من العبر والمشاهد العظيمه !، ا نتعرض لأحد الروايات عن أمين الوحي جبريل( عليه السلام) عندما أعطى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ثلاثة أكواب ليختار منها: فيها ماء وخمر ولبن ، فإختار صلى الله عليه وسلم اللبن ! وشرب منه إلا قليلا فقال له جبريل عليه السلام : لو إخترت الماء لغرقت أمتك!، ولو أخترت الخمر لغوت أمتك !، ولكنك أخترت اللبن أي أخترت الفطره !، وشربت من الكوب أو الكأس إلا قليلا ولو شربته كله لدخل جميع أمتك الجنه!، فقال الرسول(ص): رده علي فقال له جبريل عليه السلام : رفعت الأقلام وجفت الصحف! وهذا الحوار يدلل على أننا لسنا بصدد عقيده للشهره والدعايه وإنما عقيدة إخلاص في العبادة والعمل ! تخبرنا أن ليس كل من دخل في هذه العقيده سيدخل الجنه ! وتعظيم النسك والإهتمام بأداؤها هو محور هام في الإيمان، ( وذلك من يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) (٣٢ ) الحج ، وأيضا قوله سبحانه وتعالي : يسبحون الليل والنهار لايفترون (٢٠ ) الأنبياء ،وأهمية الإلتزام والإجتهاد ولا مكان للكسالى والعاطلين والمتسكعين والمتعالين عن ممارسة الأعمال البسيطه ، ومن يحتقرون مهن آبائهم وأهلهم ، ويكذبون من أجل المظاهر والمباهاه! قال صلى الله عليه وسلم : ما أكل العبد طعاما أحب إلى الله من كد يده ومن بات كالا من عمله بات مغفورا له ) صحيح البخاري وقال أيضا : (أن الله يحب العبد المؤمن المحترف ) رواه الطبراني أي الذي يحترف حرفه يرتزق منها وتغنيه عن السؤال ، وكان سيدنا دواود عليه السلام يعمل بصناعة الدروع : ولقد آتينا دواود فضلا يا جبال أوبي معه و الطير وألنا له الحديد( ١٠) أن أعمل سابغات وقدر في السرد وأعملوا صالحا أني بما تعملون بصير(١١) سبأ، أن أعمل يادواود وأصنع الدروع وأتقن تفاصيلها بعد أن آلن له الحديد، وكذلك آية (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات إعملوا ءال داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور)١٣ سبأ وأمر الجن بعمل المحاريب جمع محراب وتماثيل وقصاع كبيره كالحفر، وقدورثابتات فهو أمر بالعمل والتعمير في الأرض والعون الآلهي فوري وحاضر دائما بتسخير الجن في الأعمال الخارقه الصعبه لدعم قيمة العمل والتعمير في الأرض قال صلى الله عليه وسلم : ( نعمتان مخبون فيها كثير من الناس الصحه والفراغ )أي عدم إستغلال الوقت في تعلم أشياء مفيده أوتعلم علوم هامه يمكن الإستفاده منها والإفادة بها ، وأيضا الحرص على أوقات العباده وعدم تركها هدرا وبلا جدوى!، وقوله تعالى فإذا فرغت فانصب(٧) الشرح ، وورد أن النبي (صلى الله عليه وسلم ) صافح رجلا فوجد يده خشنه من العمل قال: هذا يد يحبها الله ورسوله ويقال قبلها !، لأن هذه اليد الخشنه تمارس العمل الشاق دون كلل بينما ينصرف بعض الشباب -وإن بدوا بمظهر الإلتزام- عن العمل ويتكاسلون حتى عن الدراسه !، ويرفض الكثير منهم العديد من الأعمال لإنخفاض الراتب! ، أويعتقد أنه لا يتناسب مع وضعه الإجتماعي!،وعن أبي هريره قال رسول الله ﷺ: قاربوا وسددوا، واعلموا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل ، فهذا هو الرسول الكريم الذي كان يعمل بالتجاره ، وكان يرعى الغنم على قراريط لأهل مكه في شبابه !، وإذا نحن بصدد تعظيم الإيمان الصادق وتعظيم الشعائر مع الإخلاص في العمل والحرص على الدأب المستمر فيه، وتطويره والإرتقاء بأساليبه، ووضع البصمه المميزه التي تبرز تفرد العمل وصاحبه فيه، ومتابعة الجديد والبحث عنه، وفعالية الأداء على مستوى كافة الأصعده ، والعمل في التخصصات والمهن التي تتناسب مع الخبره والمهارات التي أكتسبت من طول الممارسه، وتقسيم وتوزيع العمل لضمان سرعة العمل والإنجاز وهناك أيضا دور هام وحصري للحكومات في القضاء على البطاله وفتح آفاق العمل، ووإنشاء المشروعات العملاقه التي تستوعب أكبر قدر من العاطلين، والإستفاده من الطاقات البشريه المعطله خصوصا في الدول كثيفة السكان!، وتشجيع الصناعات البسيطه والمشروعات الصغيره ، والتي يمكنها جذب وتشغيل الكوادر العاطله في المجتمعات الصغيره والإقليميه من خلال الإقراض بدون فوائد أحيانا أو بالمشاركه مع الأفراد والمجموعات في دعم وإنشاء المشروعات وتذليل العقبات أمام الراغبين ، فالرغبه في العمل تستكمل بخطوات إيجابيه على أرض الواقع والتوسع في الأفكار و الآفاق وإستغلال الوقت لإدراك التقدم وسرعة اللحاق بالمبتكروالجديد ، والإستفاده من تجارب الآخرين المماثله ؛ بل والتفوق عليهم من خلال البصمات واللمسات الإضافيه والتي هي لاتكتمل إلا بالتوفيق الآلهي المستمد من عمق الإخلاص والإيمان.
---------------------- * الكاتب : الأستاذ أحمد حمزه نمير - كاتب ، والمشرف العام على باب " أقلام حرة " بصحيفة الوطن العربى اليومية الصادرة عن مؤسسة الوطن العربى الإعلامية بلندن - المملكة المتحدة - والممثل الرسمى للمؤسسة والمتحدث باسمها فى جمهورية مصر العربية .