تم النشر فى : السبت، 6 مارس 2021
الناشر : مؤسسة الوطن العربى الإعلامية - لندن ، المملكة المتحدة . WA MEDIA FOUNDATION - LONDON, UK
الرؤى من عند الله - بقلم الأستاذ: أحمد حمزه نمير
من أغرب ما يقتحم علينا إهتماماتنا إعلانات تفسير الأحلام المتكرره والملحه !، حين نتابع وسائل الإعلام أو التليفزيون أو النت ، وتتمثل في البرامج الدعائيه المموله لتفسير الأحلام والتنبؤ بالمستقبل ! و الإسهاب في وصف القدره الفائقة للضيف على تفسير الأحلام والتنبؤ بالأحداث الجسام وتوقعها خاصة للشخصيات الشهيره!، وكأن هؤلاء لديهم علم غيبي وحلول لكل المشكلات في هذا الكون!، مع أنهم لايستطيعوا حل مشاكلهم الشخصيه والماديه !، في حين أنها دعايه مموله وسبوبه تكشف مدى الإستهانه بموضوع الأحلام والرؤى!،والإستهانه بعقلية المتلقي، والخوض في مسائل غيبيه، من قبل( هواه ) هم أبعد ما يكون عن فهم صحيح الدين!، فليست الرؤى مرتعا للعبث والإفتراء! و لايخوض فيها إلا عالم أوفقيه! كالإفتاء الشرعي!، ولابد أن يكون هذا العالم على درايه بعلم التعبير أو التأويل، ولطالما كانت الرؤى الصحيحه هي رسائل آلهيه للصالحين ، وصوره من صور الوحي للأنبياء وإشارات وبشارات لعامة الناس ولا نتحدث هنا عن أضغاث الأحلام ، ويتضح ذلك في الأحاديث النبويه الشريفه : عن أبي سعيد الخدري (رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ )أنه سمع النبي ﷺ يقول: “إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من اللَّه تعالى فليحمد اللَّه عليها وليحدث بها، وفي رواية: فلا يحدث بها إلا من يحب، وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره” مُتَّفَقٌ عَلَيهِ ......وتأتي أهمية وقيمة الرؤى أنها جاءت في صورة رسائل من الله عزوجل في القرآن الكريم جاءت رؤى عظيمه خالده أثرت وأضافت إلى حياة البشريه أنوارا لهدي البشرفي طريقهم لعبادة الخالق العظيم، وأيضا وردت رؤى في السنه المطهره العطره وإنما يدل ذلك على علو منزلة الرؤى ورقي الرسائل التي تأتي منها ، ومخاطبة النقاء الروحي للصالحين ، يقول الله سبحانه وتعالى : فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِين ١٠٢ الصافات، وهوأعظم إختبار في تاريخ الإنسانيه وأعظم إمتثال من ولد لأبيه تنفيذا لرؤيا سيدنا إبراهيم عليه السلام الآمره !، ثم جاء الإنقاذ والرحمه الآلهيه وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيم ١٠٧ الصافات... و الحلم الأكثر غموضا هو حلم فرعون مصر وقام سيدنا يوسف عليه السلام بتأويله وتقديم الحل إلى الملك بعد عجز جميع الكهنه والمعبرين عن الوصول إلى تفسيره !، {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ* قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بتأويل الأحلام بعالمين٤٣*٤٤ يوسف
قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ (47).
وعندما تشاور رسول الله ﷺ مع أصحابه لإيجاد شيء يُعْلِم الناس بدخول الوقت لأداء الصلاة، فقال بعضهم نرفع راية إذا حان وقت الصلاة ليراها الناس، فاعترضوا على هذا الرأي بأنه لا يفيد النائم ولا ينبه الغافل. وقال آخرون نشعل ناراً على مرتفع من الهضاب، فلم يقبل هذا الرأي أيضا وأشار آخرون ببوق وهو ما كانت اليهود تستعمله لصلواتهم، وأشار بعض الصحابة باستعمال الناقوس وهو ما يستعمله النصارى لكن رفض الرسول ﷺ لأنه كان يحب مخالفة أهل الكتاب في أعمالهم ، وأشار فريق آخر بالنداء، فيقوم بعض الناس إذا حانت الصلاة وينادي بها فقبل هذا الرأي ثم تشرف برؤية الأذان في المنام أحد الصحابة الأخيار، وهو عبد الله بن زيد بن عبد ربه ـ رضي الله عنه ـ، فأقره النبي ﷺ، وقد وافقت رؤياه رؤيا عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ، والقصة بكاملها مروية في كتب السنة والسيرة وأشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بلال بن رباح بأن يصدح بالآذان كما جاء في رؤيا عبد الله بن زيد وأضاف بلال الصلاة خير من النوم مرتين في آذان الفجر فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يؤذن من مكان مرتفع ثم إستحدثت المناره أو المئذنه فيما بعد .
لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا سورة الفتح آيه ٢٧ *٢٨ {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} : بشر صلى الله عليه وسلم الصحابة بفتح مكة عندما رأى فتحها في المنام , فلما كان توجههم للعمرة ومنع الكفار لهم ثم كان صلح الحديبية وعودتهم بلا عمرة في هذا العام تشوشت بعض القلوب وتساءل البعض عن عدم تحقق الرؤيا فكانت إجابة الرسول صلى الله عليه وسلم لهم بأنه لم يخبرهم أنهم سيدخلون مكة في عامهم هذا بالتحديد وإنما أخبرهم بأنهم سيدخلونها دون تحديد عام , فنزل القرآن مؤكداً صدق الرؤيا ومبشراً بفتح مكة وبأن دين الهدى سيظهر وينتصر على سائر الأديان.