قصيدة "القدس"، للشاعر دكتور علاء الدين سعيد

جزء من الملحمة المسرحيَّة الشعريَّة "عائدون عائدون"

                                            للشاعر دكتور علاء الدين سعيد

---------------------------------

لا .. لا تُسدِلوا السِتارَ لا لا لا ...

لا تُنزِلُوا بالسِتارِ وَلِيْ بِكُمْ عتبُ

كَمْ مِن جَرائِمَ بالنِسيانِ تُرتَكَبُ

إنِّيْ أنا القُدسُ لِىْ أهلٌ نأًوْا عَنِّيْ

شَدُّوا الرِحالَ لأحضانٍ هِيَ التَعَبُ

دَعَوْا هَوَى القُدسِ يَمضِيْ دُونَما أَمَلٍ

وَصَفَّقوْا لِلطُغاةِ اليَومَ .. فاجتُنِبوْا

تَشتَّتتْ فِيهم الآراءُ فاختلَفوْا

وبِالمَصِيْرِ وبِاسمِ القُدسِ قَدْ لَعبُوْا

-----

أنا القُدسُ .. أُنادِيْكُمْ

أُنادِيْ كُلَّ ما فِيْكُمْ

أُنادِي العَقلَ لَوْ يَدرِي مَن الأيَّامِ ماضِيكم

أُنادِي القَلبَ إذْ يَحنُوْ عَلَى مَن ظَلَّ يُشقِيكم

أُنادِي العَيْنَ إذْ تَرنُوْ إلَى غَيرِيْ مآقِيكم

أُنادِي السَمْعَ إذْ تَدنُوْ إلَى سَمْعِيْ مآسِيكمْ

أُنادِي اللَسْنَ لَوْ يَروِي بُذُوْرَ الحَقِّ فِىْ فِيْكُمْ

أُنادِيْكُمْ، وَمَنْ يَدرِيْ بِقَلْبِيْ كَمْ أُناجِيكُمْ ..

فَرِفْقاً بِيْ بَنِيْ قَوْمِيْ

فَهَتْكِيْ لَيْسَ يُرضِيْكُمْ

وَلا أبَْكِيْ عَلَى نَفْسِيْ كَما أَبْكِيْ مَساعِيكُمْ

فَكُلٌّ مِنكُمُوْ لاهٍ وَكأسُ الخَمْرِ يَكْفِيْكُمْ

وَحُبُّ المالِ والدُنيا وَباءٌ قَد نَما فِيْكُمْ

وَكَمْ مِنْ مَرأَةٍ جالَتْ بقِدِّيسٍ يُوَصِّيكُمْ

فلا يَوماً وَعَى قَدْرِيْ ولا شَيْخٌ سَيَهْدِيكُمْ

وَكُلٌّ مِنكُمُوْ لاهٍ وَنَحْرِيْ فِيْ مَلاهِيكُمْ

وَسَيْلُ دِمايَ مِنْ عِرْضِيْ بِعارٍ كَمْ يُغَطّيكُمْ

تَقُوا اللهَ اتَّقوا اللهَ

فَيَوْمُ الحَشْرِ آتِيكُمْ

فَلا أُنثَى شَفِيْعَتُكُمْ وَلا خَمْرٌ سَيُلْهِيكُمْ

وَلا دُنيا لَها فَرٌّ وَلا مَالٌ يُفَدِّيكُمْ

فَلا السُلْطانُ يَنفَعُكُمْ وَلا الجَبَرُوْتُ يَحمِيكُمْ

إِذِ المَسئُوْلُ مَسئُوْلٌ

فَهَلْ عُذْرٌ سَيُنْجِيْكُمْ؟!

-----

تَنازَعْتُمْ زَعامَتَكُمْ فَمَزَّقْتُمْ مَرامِيكُمْ

تَقاتَلْتُمْ.. تَناحَرْتُمْ وَمَزَّقْتُمْ نَواصِيكُمْ

تَمَزَّقْتُمْ.. تَرامَيْتُمْ، وَأَرْجاءَاً أُلاقِيكُمْ

فَمَنْ لِلشَرْقِ مَجْذُوْبٌ وَظَنَّ الشَرقَ يَأوِيكُمْ

وَمَنْ بِالغَرْبِ مَبْهُوْرٌ كَأنَّ الغَرْبَ مَاضِيكُمْ

فَفَرَّ الكُلُّ مِنْ حَوْلِيْ.. تَنَكَّرْتُمْ لأَهْلِيْكُمْ

فَبُشْراكُمْ بِأَهْوالٍ لِتَقْواكُمْ أََعادِيكُمْ

وَ"قُدْسٌ" تَمْلأُ الدُنيا صِياحَاً قَدْ عَلا فِيكُمْ

وَأنْتُمْ بِئْسَ مَنْ نُوْدِيْ، وَما أَشْقَى مُنادِيكُمْ

فَكَمْ قُدْسٌ لَكُمْ غَيْرِيْ لِأُسْلَبَ مِنْ أَيادِيكُمْ

وَمَا صَلَّتْ سِوَى عِنْدِيْ جُمُوْعٌ مِنْ نَبِيَّيْكُمْ..

وَهَلْ أُسْرِي إِلَى غَيْرِيْ؟!

سَلُوا الأَقْصَى سَيُنْبِيكُمْ

-----

وَأَجْيالٍ سَتَسْأَلُكُمْ: لِما ضَاعَتْ أَراضِيكُمْ؟

لِماذا القُدْسُ فِيْ أَسْرٍ؟

وَمَنْ عَنْها سَيُغْنِيكُمْ؟

وَأَيَّ الْعِرْضِ رَاعَيْتُمْ وَهَتْكُ الْبِكْرِ يُخْزِيكُمْ؟

وَلَطَّخْتُمْ أَيادِيَكُمْ دِمائِيْ كَيْ أُباهِيكُمْ

كَأَنَّ الْجُرْحَ يُدْمِيكُمْ

كَأَنّيْ مِنْ أَمانِيكُمْ..

-----

أَجِيْبُوْنِيْ أَيا قَوْمِيْ بِصِدْقٍ مَا بَدا فِيْكُمْ

لِمَنْ بِعْتُمْ ذُرَى الْمَجْدِ؟، وَأَيُّ الْمُلْكِ يُغْرِيكُمْ؟

لِمَنْ بِعْتُمْ ذُرَى الْمَجْدِ؟

وَأَيُّ الْمُلْكِ يُغْرِيكُمْ؟!!! 

***************************************