تم النشر فى : الخميس، 15 يوليو 2021
الناشر : مؤسسة الوطن العربى الإعلامية - لندن ، المملكة المتحدة . WA MEDIA FOUNDATION - LONDON, UK

نفوس في إختبار الإرتقاء - بقلم الأستاذ: أحمد حمزه نمير


الوطن العربي اليومية - لندن..

                                                    رُوِيَ أن أحد الرجال من العرب قدم على المعتصم ، فقربه المعتصم و جعله من خاصة ندمائه وجلاسه، وكان للمعتصم أحد الوزراء الذين يتصفون بالحسد الشديد فغار غيرة عظيمة وحسده على قربه لأمير المؤمنين، وقرر الوزيران يحتال على هذا الرجل ويبعده عن الخليفة .فأخذه الوزير إلى بيته، ثم طبخ له طبخًا وأكثر فيها من الثوم، فلما أكل الرجل الطعام قال له: إياك أن تقرب الخليفه وإلا شم منك هذه الرائحة الكريهة رائحة الثوم، ثم قام الوزير مسرعًا إلى المعتصم، فخلا بالخليفة وقال له: إن هذا الرجل يشيع عنك أمام العامة أنك أبخر، ورائحة فمك كريهة!،لما دخل على أمير المؤمنين جعل أحد أكمامه على فمه حتى لا يتأذى أمير المؤمنين برائحة فمه الكريهة كما نصحه الوزير!، بذلك، فلما رأى أمير المؤمنين الحال على هذا، وما يفعل هذا الرجل قال: إذن فالذي قاله الوزير صحيح!، ومن فوره أمر أمير المؤمنين بكتابة كتاب يقول له فيه: إذا وصل إليك هذا الكتاب؛ فاضرب عنق حامله، ثم دعا الرجل ودفع إليه الكتاب، وقال له: اذهب به إلى فلان ورُدَّ عليَّ بالجواب، فامتثل الرجل ما قاله له أمير المؤمنين، وأخذ الكتاب وخرج حتى لاقاه الوزير، فقال للرجل: إلى أين تريد الذهاب؟ فقال الرجل: إني متوجه بكتاب أمير المؤمنين إلى عامله فلان، فقال الوزير في نفسه: إن هذا الرجل لا بد أن يحصل على المال الوفير، فقال له: يا رجل ما تقول فيمن يُذهب عنك هذا النَّصَب في هذا السفر الطويل ويهبك ألفي دينار؟ فقال: أنت الوزير الكبير ومهما قلت من الرأي امتثلت!، فقال الوزير: إذن فادفع إليَّ بهذا الكتاب، فدفعه الرجل من فوره، فقام الوزير بإعطائه ألفي دينار، ثم ذهب بكتاب أمير المؤمنين إلى المكان الذي هو قاصد نحوه، فلما أخذ عامل أمير المؤمنين الكتاب وقرأ ما فيه؛ أمر مباشرةً بضرب عنق الوزير! ثم بعد ذلك بعدة أيام ذكر أمير المؤمنين أمر ذلك الرجل، وأخذ أيضًا يسأل عن وزيره، فأُخبر أمير المؤمنين بأنه له عدة أيام لم يظهر فيها حتى الآن، وأن الرجل الأعرابي مقيم بالمدينة، فعجب أمير المؤمنين من الأمر!، وأمر بإحضار الأعرابي من فوره ، وأن يمتثل أمامه في التو واللحظة، فحضر الرجل أمام أمير المؤمنين، فسأله أمير المؤمنين عن حاله وأمره، فقص عليه الرجل القصة كاملةً من أول ما أكل من الثوم ونصيحة الوزير وحتى قدومه على أمير المؤمنين وهو يضع كمه على فمه حتى لا يؤذي أمير المؤمنين ، فقال أمير المؤمنين للرجل: إنك قلتَ لعامة الناس عني أنني أبخر كريه رائحة الفم؟!فأجابه الرجل: معاذ الله يا أمير المؤمنين أن أحدِّث الناس بما لا علم لي به البتة، وإنما كان مكرًا من الوزير وحسدًا لي، فقال أمير المؤمنين: قاتل الله الحسد فما أعدل الحسد يبدأ بصاحبه فإذا به يقتله، ثم قام أمير المؤمنين بمنح الهبات، و جعله وزيرًا له بديلًا عن الوزير الحاسد الذي قتله حسده!!.... و الحسد يتنافى مع الأخلاق الكريمه والنفوس النقيه التقيه ولقد حذر الإسلام من خطورة هذه الآفه !، ، وتأتي بعض النظريات العلميه بتفسير مؤقت ! على أنه طاقة تشبه البريق و وتعد هذه الطاقه من القدرات التي يتمكن الإنسان فيها من تسليط قواه لتحقيق هدف يدور برأسه، وليس بالضرورة أن يكون الشخص ذا نية سيئة ليتحقق ذلك، فعلى العكس قد يكون من كثرة هوسه وحبه في الشيء الذي يتمناه لنفسه فيصيب مالكه الأصلي أو النعمه نفسها . وفسر علم الطاقة هذه الظاهرة بأنها عبارة عن موجات تسير بسرعة كبيرة في مسارات مختلفة الأطوال، و من الممكن قياس مسارات هذه الطاقة الضوئية من خلال قياس نهر الطاقة داخل الجسم وخارجه، أجهزة معينة وتحديد كميتها في صورة وحدات، حيث تبين أن كل ما في الكون يحتوي على طاقة بداخله بما في ذلك الإنسان بالطبع ويختلف التأثر بالحسد والعين من شخص لآخر، حيث هناك أشخاص حساسون جداً لهذه الطاقات والحاسد ستجده شخصاً غير راض دائماً عن حاله، ويفتقد ثقته بنفسه، ويعتقد أن القدر يتسلط عليه بقلة الحظ وسوء الحال!، ومع الأسف يسلط هذه الطاقه على الآخرين فيفقدهم ما يتمتعون به من نعم، وتزيد نقمته على نفسه أكثر ويزيد حاله سوءاً. . ومن ناحية أخرى، فالحاسد لا يصيب إلا الإنسان ذا الطاقة المتذبذبة علمياً، أي أنه ليس على وتيرة واحدة، و يكون هذا الشخص حساساً جداً يسهل تأثره بالآخرين، ويسهل عليهم أن يقودوه ويغيروا مساره الضوئي مما يضعفه ويسهل إصابته. والشخص المحسود على الأغلب هو صاحب نعمة ظاهرة، فيجب أن يقوم بسد الأبواب التي تجلب له الحسد من خلال التكتم على النعم التي منَّ الله عليه بها، وأكدت دار الإفتاء أن الحسد هو أن يتمنى الحاسد زوال نعمة المحسود، وهو حرام بإجماع الأمة؛ لأنه اعتراض على الحق سبحانه وتعالى، ومعاندة له، ومحاولة لنقضِ ما فعله وإزالةِ فضل الله عمَّن أهَّلَه له. قال الإمام الغزالي في "إحياء علوم الدين": [اعْلَمْ أَنَّ الْحَسَدَ مِنَ الْأَمْرَاضِ الْعَظِيمَةِ لِلْقُلُوبِ، وَلَا تُدَاوَى أَمْرَاضُ الْقُلُوبِ إِلَّا بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، وَالْعِلْمُ النَّافِعُ لِمَرَضِ الْحَسَدِ هُوَ أَنْ تَعْرِفَ تَحْقِيقًا أَنَّ الْحَسَدَ ضَرَرٌ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَالدِّينِ، وَأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمَحْسُودِ فِي الدُّنْيَا وَالدِّينِ، بَلْ يَنْتَفِعُ بِهِ فِيهِمَا، وَمَهْمَا عَرَفْتَ هَذَا عَنْ بَصِيرَةٍ، وَلَمْ تَكُنْ عَدُوَّ نَفْسِكَ وَصَدِيقَ عَدُوِّكَ فَارَقْتَ الْحَسَدَ لَا مَحَالَةَأَمَّا كَوْنُهُ ضَرَرًا عَلَيْكَ فِي الدِّينِ: فَهُوَ أَنَّكَ بِالْحَسَدِ سَخِطْتَ قَضَاءَ اللهِ تَعَالَى، وَكَرِهْتَ نِعْمَتَهُ الَّتِي قَسَّمَهَا بَيْنَ عِبَادِهِ، وَعَدْلَهُ الَّذِي أَقَامَهُ فِي مُلْكِهِ بِخَفِيِّ حِكْمَتِهِ فاستنكرت ذلك واستبشعته، وهذه جناية على التَّوْحِيدِ والْإِيمَانِ. وأوضحت الإفتاء ما ينبغي على المحسود فعله بالقول: "ينبغي للمحسود قراءة المعوذتين، وفاتحة الكتاب، وآية الكرسي، وقراءة القرآن والذكر بصفة عامة، وعليه بالتعوذات النبوية؛ نحو: «أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق»، وليكثر من الدعاء لله عز وجل أن يصرف عنه السوء والعين والحسد، ولا حرج عليه في طلب الرقية من الصالحين، ولا ينبغي أن يُعمِل الإنسانُ جانبَ الأوهام والظنون في الناس، فلا يجوز للمسلم أن يسيء الظن بإخوانه ويتهمهم بأنهم حسدوه لمجردِ مصادفةِ أحداثٍ تقع، قد لا يكون لها علاقة بمن يظن فيهم ذلك. فهل يستطيع من إعتاد الحسد أن يتب إلى الله ويجاهد نفسه ويتخلص من هذه الرزيه إلى الأبد؟!. ". يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح: الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب . وفي النهي عن الحسد يقول صلى الله عليه وسلم: لا تحاسدوا ولا تقاطعوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا . . ويقول صلوات الله وسلامه عليه: لا حسد إلا في اثنتين رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار فسمعه جار له فقال ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل، ورجل أتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل والمسلم يجب أن يؤمن بأن التفاوت بين الناس سنة من سنن الله في خلقه، فقد اقتضت حكمته وهو الحكيم العليم أن يختص من عباده من يشاء بما شاء وأن يفاضل بينهم في أنعمه .والناس أمام هذا التفاوت رجلان: شاكر وحاقد والشاكر راضٍ بقسم الله له غير ناظر إلى من فوقه، والحاقد يتأجج قلبه حسداً على من آتاهم الله من فضله حيث تسول له نفسه الأمارة بالسوء أنه أحق من هؤلاء بهذا العطاء! ومن ثم تصبح الدنيا في نظره أضيق من سم الخياط! .ولن يكتمل الإيمان إلا بحب الخير للناس ولأقرانه بالتحديد! ، الأمر الذي يحفز العزائم للسعي إلى تحقيق مثل ما للغير من نعمة من دون التفكير في أي شر يصيبه والسبب في الحسد كما يقول العلماء هو الأنانية المفرطة وضعف الإيمان، وعدم الثقة بالنفس! . . فالحاسد حاقد لا يحب أن يسبقه أحد ممن هم في درجته أو ظروفه نفس ويؤكد د . محمد عبدالغني شامة أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر: أن الحسد حقيقة وليس وهماً كما يزعم البعض!، وقد ذكر الحسد باسمه في القرآن الكريم في ثلاث آيات مختلفة وردت في ثلاث سور ففي سورة البقرة يقول الحق سبحانه وتعالى: ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره (الآية 109) وأيضا : أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله النساء( ٥٤).وفي سورة الفلق : ومن شر حاسد إذا حسد (الآية 5) . . كما ورد الحسد بمضمونه ومعناه في آيات أخرى كثيرة منها قول الحق سبحانه: إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها .ويضيف أن لا حسد إلا على نعمة أنعم الله بها على إنسان . والفرق بينه وبين الغبطة المباحة شرعا أن من يغبط لا يتمنى زوال النعمة ولا يكره وجودها ودوامها، ولكن تشتهي نفسه مثلها، وقد يسمى ذلك منافسة .والحكم الشرعي في الحسد أنه حرام في كل الأحوال، والحسد هو الذي يقود الإنسان إلى ارتكاب كل الجرائم حيث تؤكد التحليلات النفسية والاجتماعية لمعظم جرائم القتل التي تحدث في مجتمعاتنا العربية والإسلامية أن الحسد والحقد على الآخرين هو الباعث الأول على هذه الجرائم التي نشرت الرعب والخوف في أوطاننا .وقد أشارت دراسة اجتماعية نفسية أجريت مؤخراً في كلية الآداب بجامعة القاهرة أن رذيلة الحسد تقف وراء 72% من جرائم القتل التي شهدها المجتمع المصري خلال السنوات الثلاث الماضية!، ويقول الدكتور شامة : أن الحسد هو الذي يحرك نوازع الشر داخل الإنسان ويقول: الحسد رذيلة أصابت الإنسان منذ بدء الخليقة، فالحسد هوالباعث الحقيقي على جريمة قتل قابيل لأخيه هابيل، فقد حسده لأن الله تقبل قربانه ولم يتقبل قربانه هو . . والحسد هو الذي يقود الضعفاء وغير المتزنين نفسيا إلى ارتكاب أبشع الجرائم في مجتمعاتنا المعاصرة . يقول د . حسن عبدالرحمن مدرس علم النفس بجامعة الأزهر: اختلفت آراء العلماء والباحثين والمحللين النفسيين وعلماء الاجتماع حول طبيعة الحسد وهل هو مكتسب أم فطري؟ فذهب بعضهم إلى أنه مكتسب بواسطة التنشئة الاجتماعية التي تشمل التعلم والتعليم والتربية، بمعنى أن الطفل يتعلم الحسد من أبويه عن طريق الملاحظة إذ يراهما ويسمعهما يعبران عن تمني زوال النعمة عن الغير، أو يعلمانه الحسد بشكل مباشر فيشب حسوداً حقوداً .أما الرأي الثاني فيذهب إلى أن الحسد فطري في الإنسان أو جبلي، وهو ما يرجحه علماء النفس والاجتماع لارتباط الحسد بغريزة حب البقاء التي توجد لدى كل الكائنات وليس الإنسان فقط . . والإنسان كشأن كل الكائنات الحية لا يكتفي بأن يكون على قيد الحياة، وإنما يريد أن يعيش كما يعيش غيره وبخاصة من يعتبرهم أقراناً له ونظراء، فهو يكره أن يقل عنهم في شيء، ويسيئه أن يحصل أحد منهم على نعمة تجعله متقدماً عليه، فتتحرك في نفسه مشاعر الحسد، أي تمني زوال النعمة عن صاحبها .. أما إذا كان عدوانياً فإنه لا يقف عند حد تمني زوال النعمة عن صاحبها، بل يلجأ إلى الاعتداء على صاحب النعمة من أجل أن يحول من دون تمتعه بها، أو يلجأ إلى الاعتداء على النعمة ذاتها تاركاً صاحبها يتألم لفقدها . . والدليل على أن رذيلة الحسد فطرية في الإنسان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث لا ينفك المؤمن منهن: الحسد، والظن، والطيرة (رواه الطبراني في الكبير ولكنه لم يرد في البخاري ولا الترمذي) قيل: فما المخرج منهن يا رسول الله؟ قال: إذا تطيرت فلا ترجع، وإذا ظننت فلا تحقق، وإذا حسدت فلا تبغ.
 

الناشـر :

الناشـر مؤسسة الوطن العربى الإعلامية - لندن ، المملكة المتحدة . WA MEDIA FOUNDATION - LONDON, UK على 11:00:00 م. فى باب . يمكنك متابعة أخبارنا وموضوعاتنا والتعليق عليها من خلال الدخول إلى RSS 2.0. ، فأهلاً بك

للحصول على نسختك الورقية من هنا ، إضغط هنا لطباعة الصفحة

اترك الرد

تفضل بوضع تعليقك هنا وأهلا بك وتعليقك الملتزم المحترم

Translator of WA Daily Newspaper

للحصول على نسختك الورقية من هنا

الارشيف

الشاعر دكتور علاء الدين سعيد وقصيدته "المأساة عربية" من حفل ديوانه قافلة العودة بمعرض القاهرة للكتاب

ديوان " قافلة العودة " للشاعر د. علاء الدين سعيد ، بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2023م

الآن بالمكتبات الكُبرَى ومنافذ التوزيع ديوان "قافلة العودة" للشاعر د. علاء الدين سعيد

الحمـلة العالميـة لمقاومـة التطبيـع مع العدو

حركة مقاطعة إسرائيل "بي دي اس" (حركة مقاطعة العدو الصهيوني)

تحويل العملات ، وأسعار الصرف

كاريكاتير

إشترك وتابع قناة دكتور علاء الدين سعيد، على يوتيوب

إشترك في نشرتنا البريدية عبر بريدك الإلكترونى ليصلك جديدنا

تفضل بوضع بريدك الكترونى هنا ثم اضغط ثم قم بتفعيل اشتراكك من خلال بريدك الأكترونى

Delivered by FeedBurner